هذا المغامر التقني اجتذب ناسا والبنتاغون لوجستياً واقتصاديا بصواريخ سبيس إكس ذات الاستخدام المتكرر، واجتذب مجمع صناعة السيارات وشركات التنقيب عن عناصر البطاريات بوعود التحول إلى الكهرباء في المحركات وتنشيط مصادر الطاقة البديلة لفتح أسواق جديدة لكافة المنتفعين.

لكنه هذه المرة يجمع معلوماتيا واتصاليا وشبكيا في دورة تطبيقية مكثفة ما استغرقه عمل منصات التواصل الاجتماعي سنوات وخضوع لسلطات المعلومات والاتصالات الوطنية. لقد أخذ ماسك مفهوم إلقاء المنشورات الورقية عشوائيا من الطائرات وحوّله ليصبح إلقاء ربطات مبطنة مشبوكة بمظلات لتهبط بهدوء فوق إحداثيات محددة مسبقا، يبدأ بعدها سباق القوات الروسية في أوكرانيا أو عناصر الأمن في إيران مع الزمن للعثور على هذه المعدات قبل حصول الطرف الآخر عليها واستخدامها. 

لا يهم مع أي الأطراف نقف، فالمع والضد يشتركان في ورطة البث الشبكي ورفع الملفات التفاعلية دون رقيب، وربما مع مستوى تشفير يشتت القدرة على تحديد الموقع بدقة، وبالتالي يتحقق الاختراق المعلوماتي لجبهات القتال وميادين الحراك المدني. 

تبنى الترويج الظاهر لخدمة ستار لنك التابعة لماسك، وخدمات مشابهة قادمة إحداها مملوكة لجيف بيزوس (مشروع كايبر)، مبدأ عدالة النفاذ المتاح بالتساوي أمام جميع البشر للدخول على شبكة حرة ومفتوحة من الإنترنت، ووجد ناسك دعما من وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، في تغريدة الأخير التي تعهد فيها بتحقيق "تطوير حرية الإنترنت والتدفق الحر للمعلومات أمام الإيرانيين". 

مثل هذه الاشتراكات ليس بينها وبين سلطات الاتصالات الوطنية أية صلة، إذ يكفي أن تصل المعدات للطرف المستهدف وبعدها ليس بينه وبين سماء البث حاجز التقاط أو إرسال. الدفع عبر بوابة مشفرة والذي تعهد بإيصال المعدات للنشطاء في أي مكان لن يطالبهم بالمال، إذ سيقدمون له أكبر اختبار نجاح للخدمة وأكبر خدمة تسويقية. 

في 2009 صفق أوباما للحركة الخضراء في إيران، وخلفه وقف أساطين منصات التواصل الاجتماعي يتفرجون على أفاعيل التبادل التفاعلي للمعلومات في الساحة، ثم بعد سنة ونيف كرروا التجربة في تونس، وحدث ما علمتم بعدها، وليس مستبعدا أن تجري بروفة جديدة لحركة خضراء في إيران، تليها محاولات إيصال معدات ستار لنك داخل حدود دولنا إلى المتلهفين للنشر غير المقنن، أملا في انبعاث وإنجاح حراك بين ظهرانينا انكسرت موجته الأولى منذ عقد.