"طظ في مصر" التي قالها عاكف ليست مجرد عبارة اندفاعية رعناء أطلقها في لحظة انفعال، وإنما هي تعبير عن الموقف العام للجماعة الإرهابية من مصر.

فالمتأمل في مواقف الإخوان من قضايا الوطن والتحديات التي تواجهه يدرك بسهولة أنهم لا تعنيهم إلا "مصر التي يحكمونها"، أما تلك التي لا يتسلطون على حكمها فهم يقولون لها "طظ" ألف مرة!

بمعنى أوضح: هم يعنيهم طموحهم أن يظفروا بحكم مصر، ويقيموا دولة الإخوان فيها ولا تعنيهم مصر نفسها.

وهاكم بعض الأمثلة التاريخية لتأكيد ما سبق:

- في ستينيات القرن الماضي، عندما كانت مصر لا تزال جمهورية ناشئة يتربص بها الأعداء من أنظمة رجعية وقوى استعمارية، لم يتردد تنظيم الإخوان في الانخراط في مؤامرة لضرب الدولة من الداخل أملا في الوثوب على الحكم، وهي المؤامرة التي انكشفت وفشلت وانتهت بإعدام بعض قيادات الجماعة الإرهابية وعلى رأسهم منظرهم المتطرف سيد قطب.

- قبيل أيام من ثورة 25 يناير 2011 أعلنت جماعة الإخوان عدم مشاركتها في التظاهرات ضد الرئيس الأسبق حسني مبارك، حتى إذا ما تبين اتجاه الأمور لنهاية حكمه سعوا للوثوب على الثورة وبذل كل ما يمكن لادعاء أنهم كانوا أول من شارك بها، وأن لولاهم لفشلت الثورة!

- في العام الأسود الذي تسلطت فيه الجماعة الإرهابية على رئاسة مصر، لم يدخر الإخوان جهدا في تمزيق أمن ووحدة البلاد إلى حد التعاون مع التنظيمات الإرهابية في سيناء واستقبال منظري التيارات الإرهابية التكفيرية في الفاعليات، وأشهرها ما عرف بـ"مؤتمر دعم سوريا"، بل وإطلاق متطرفي التيار السلفي الجهادي في الشوارع لترويع معارضي الإخوان (وهي وقائع شهد كاتب هذه السطور بعضها بنفسه)، باختصار عمل الإخوان على ضرب السلم الأهلي والأمن العام لتوطيد سطوتهم المزعومة!

- بعد ثورة الشعب ضد حكم الإخوان وانحياز الجيش المصري لإرادة الشعب، أطلقت الجماعة العنان لعناصرها المسلحة لضرب الأمن العام وترويع المواطنين بالمظاهرات المسلحة في شوارع مصر التي كانت تنتهي عادة باشتباكات عنيفة بين مسلحي الإخوان من ناحية والأمن والأهالي من ناحية أخرى (وهي وقائع شهد كاتب هذه السطور بعضها بل وتعرض لإطلاق النار عليه خلالها)، وكأنما يقول الإخوان للمصريين: "لن تنعموا بالأمن طالما ترفضون حكمنا".

- بعد ثورة 30 يونيو 2013 وتصاعد السياسات العدوانية من النظامين القطري والتركي ضد مصر، لم يتردد الإخوان في الانحياز لأعداء مصر وتوجيه الإساءات للدولة والتحريض ضدها عبر المنابر الإعلامية المعادية، وهو فعل أشبه بانضمام بعض الخونة للجيوش الغازية لأوطانهم في الحروب القديمة.

- خلال التحديات التي واجهتها وتواجهها مصر، مثل جائحة كورونا والعبث التركي بأمن ليبيا الشقيقة وشرق المتوسط ومشكلة سد النهضة، لم يدخر الإخوان جهدا في السعي بمنشوراتهم وخطابهم عبر المنصات المختلفة لضرب الروح المعنوية للشعب المصري، وتفريق وحدة الصف ونشر الشائعات وإثارة الفتن، وإن ادعى بعضهم أنه إنما يمارس "المعارضة" فإنني أحذركم من الانخداع له، فهناك فارق كبير بين معارض شريف يختلف باحترام دون تخوين أو تكفير، ويرجو لبلاده الخير ولو توقع شرا فإنه يدعو الله أن يخلف ظنه، وآخر حاقد خائن خسيس يرجو لبلده الشر والأذى فقط ليضحك متشمتا وهو يقول لمن خالفوه الرأي: "لقد كنت محقا"! (وهيهات أن ينال منا هؤلاء الخونة مثل هذا الموقف).

ألا يؤكد كل ما سبق أن سياسات ومواقف وانحيازات هذا التنظيم الإرهابي، ما هي إلا تعبير عن كراهية لمصر ورغبة في انهيارها مجتمعا ودولة، ليتمكن من أن ينعق على أطلالها؟

وللحديث بقية..