لسنوات كثيرة أقمت في بلدي الثاني الإمارات، حيث رأيت جهودها الرائدة لمكافحة تغير المناخ والتحديات الناتجة عنه رؤيا العين في سعي واضح ومشكور لحماية مستقبل البشرية من الخطر الأبرز الذي يواجهه العالم وهو التغير المناخي.

وكم سمعنا من شيوخ الدولة تلك الاستراتيجية الإماراتية الشاملة لمكافحة التغير المناخي، التي تستند إلى محاور اقتصادية وبيئية وعلمية وسياسية، تتكامل جميعها لتشكل نموذجاً رائعاً وملهماً لمختلف دول العالم ذلك أن الإمارات تعتبر من الدول الرائدة في تطوير حلول ومصادر الطاقة المتجددة وغيرها من تقنيات الحد من آثار التغير المناخي، فعلى المستوى المحلي قامت الإمارات بتطوير منشأة "الريادة" التي تعد أول شبكة على نطاق صناعي تجاري في المنطقة لالتقاط الكربون واستخدامه وتخزينه وتستمر جهودها لتسريع اعتماد هذه التكنولوجيا التي تعتبر في غاية الأهمية للحد من انبعاثات الكربون وتخفيف آثار تغير المناخ...وكذلك هي أول دولة خليجية وقّعت وصادقت على اتفاق باريس للمناخ.

‎ايضاً تمتلك دولة الإمارات سجلاً حافلاً بالإنجازات المتقدمة في مجال التكنولوجيا النظيفة والتنمية المستدامة على مدار السنوات الخمسة عشر الماضية، حيث أدركت الدولة مبكراً أن هذه الاستثمارات لها جدوى اقتصادية كبيرة، وتدعمها توجهات الأسواق.

‎العالم العربي يتمتع بإمكانيات كبيرة ومتميزة تتيح لنا المساهمة في مواجهة التحدي العالمي المشترك والمتمثل في التغير المناخي. ومن خلال التعاون المكثف ولاشك سوف تتمكن دول الخليج من زيادة مساهمتها إلى الحد الأقصى، مع الاستفادة من أحدث التقنيات .

‎لاشك أن ما يمكن وصفه بمعركة التغير المناخي هي المعركة الأبرز أمام البشرية في الخمسين سنة المقبلة ولابد لها من عمل دولي جماعي يكفل الالتزام بهذه المعركة للحفاظ على كوكبنا الأرضي، وهو أمر معلن ومدعوم في الدولة تهدف من خلاله الإمارات إلى توحيد المساعي في إنجاح هذه القضية.

واليوم لابد على المجتمع الدولي من اتخاذ خطوات تضمن الإبقاء على المتوسط العالمي لدرجات الحرارة في الحدود المتفق عليها بموجب اتفاقية باريس، ‎وأيضا فأن الاستثمارات في الطاقة المتجددة، وتبني منهجيات تقوم على حماية النظم الإيكولوجية، وتطبيق الحلول القائمة على الطبيعة، والزراعة الذكية مناخياً، وتقنيات التقاط احتجاز الكربون وغيرها من حلول الحد من انبعاثات الكربون، سوف تساهم في دعم النمو الاقتصادي المستدام وخلق المزيد من فرص العمل.. وكذلك العمل بشكل جماعي لمساعدة المنطقة على التكيف مع الآثار الخطيرة لتغير المناخ، والتعاون على الاستثمار في اقتصاد الطاقة الجديدة، ومواصلة الجهود لتعبئة وحشد التمويل للعمل المناخي.

‎واليوم اسمع هنا في واشنطن أن هذا المؤتمر الذي رعته الامارات أتاح منصة متخصصة للدول المشاركة لتبادل الخبرات حول استجاباتها لتغير المناخ، وبناء الزخم اللازم للارتقاء بالطموحات العالمية تمهيداً لانعقاد مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ "COP26"قبيل نهاية هذا العام وأنه مكّن الولايات المتحدة والدول المشاركة من مجلس التعاون الخليجي ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من البحث في مجالات جديدة للتعاون في مجال الحد من تداعيات تغيّر المناخ، والتكيّف معها والتركيز على الفرص الاقتصادية التي يتيحها العمل المناخي ومن خلال دراسة اعدها معهد بروكنز في واشنطن حول تأثيرات التغير المناخي وكيفية النظر اليها عملياً داخل الولايات المتحدة نستنتج ما يلي:

*60 بالمئة من الشركات المتداولة في البورصة تكشف شيئًا على الأقل عن تغير المناخ. وتتعلق أكبر كميات من المعلومات بالمخاطر بسبب احتمال التحول بعيدًا عن الوقود الأحفوري. على النقيض من ذلك، هناك قدر أقل بكثير من الإفصاح عن المخاطر المادية لتغير المناخ، مثل ارتفاع مستوى سطح البحر .

• في مسألة تمويل الولايات في أميركا، يكون الكشف عن المخاطر المادية أضعف، على الرغم من أن العديد من الولايات معرضة للفيضانات والحرائق والإجهاد الحراري وغيرها من المخاطر التي يمكن أن تدمر البنية التحتية وتقوض قواعد الضرائب والدخل الضرورية لسداد السندات طويلة الأجل. بالنظر إلى عينات كبيرة من البيانات الرسمية الصادرة مع إصدارات الديون لبعض الولايات في اميركا، لا نجد أي علاقة بين المقاييس الموضوعية للولايات الأكثر تعرضًا لتأثيرات المناخ وما تكشف عنه الاسواق .

‎ • على الرغم من أن صانعي السياسات وأطر الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية للمستثمرين ركزت الأضواء على المخاطر المالية التي قد تصاحب التحولات التي تحركها السياسات، فإن المخاطر الحقيقية ذات التسعير الخاطئ تكمن في المخاطر المادية لتغير المناخ.

‎في نهاية المطاف تغييرات كبيرة وإيجابية قد طرأت على المشهد العالمي بشأن العمل المناخي والسياسات البيئية، مع عودة الولايات المتحدة الأميركية الى اتفاق باريس.

وقد كشف الرئيس جو بايدن عن خطة طموحة لمكافحة التغير المناخي بقيمة تريليوني دولار، من شأنها تطوير قطاع الطاقة الأميركي والسعي للتوصل إلى طاقة خالية من تلوث الكربون في خمسة عشر عاماً فقط وكون الحوار الاقليمي للتغير المناخي الذي رعته الإمارات قد نجح في تثبيت اسس معالجة هذه المعضلة.

‎فأبلغ عبارة وصف بها جون كيري المبعوث الرئاسي الأميركي للتغير المناخي دولة الإمارات بقوله : أنه كلما رأت الدول نموذج الإمارات، كان العالم أفضل، لأن هذا سيسرع خطانا نحو هذا التغيير.