ورغم اتفاقي مع ظاهر الطرح بمفهومه العام تحقيقا لإحدى خطوات ومخرجات برلين وإعلان القاهرة وتفاهمات أبوظبي التي تدفع في اتجاه حل الأزمة بحل الميليشيات والتنظيمات الإرهابية كخطوة أولى للحل الشامل في ليبيا إلا أن باطن التصريح  يحمل أهدافا أخرى غير ما أعلن عنه بالشكل الذي وضحت فيه المغازلة العلنية لحكومة بايدن القادمة بإحياء اتفاقات مجموعة الحوار الأمني الأميركي – الليبي التي انطلقت قبل عام لإنهاء الحالة الميليشياوية والتي لم ينفذ منها شيء  إلا بالقدرالذي يناسب مصراتة وممثلها فتحي باشاغا الطامح لرئاسة الحكومة الليبية الجديدة، خاصة أن الطرح يأتي بعد أيام من اجتماعات مسلحي طرابلس وتشكيلهم ما يعرف بقوة حماية طرابلس وتأمينها من كافة المداخل واجتماع هذه القوة مع لجنة مكونة من 32 عضوا بمجلس الدولة غرب ليبيا أبدت رفضها سابقا للسطو الإخواني بقيادة خالد المشري على قرار المجلس  مع تقارب هذه اللجنة مع الفصيل الطرابلسي الذي يقوده  فايزالسراج بحكومة طرابلس والكتلة المصراتية  الناعمة  والذين أبدوا جميعا مؤخرا رغبة للتفاوض والانصياع للمنطق والإرادة الليبية والالتزام بقرارات المجتمع الدولي وإعلانهما تشكيل لجنة وطنية ضد الزحف الإخواني.

وهو ما يشبه التهديد بغزو ميليشيات الكتلة الخشنة في مصراتة لطرابلس للمرة الرابعة لرفضها ترشح فتحي باشأغا ( المصراتي ) لرئاسة الحكومة الليبية القادمة وردا على التحالفات الجديدة وتشكيل خط سياسي جديد يضم الكتلة الناعمة في مصراتة مع الرؤية الطرابلسية وكتلة الرفض للإخوان داخل مجلس الدولة بطرابلس.

وللمرة الرابعة في سنوات الأزمة الليبية تشهد العاصمة الليبية طرابلس حربا جديدة تعددت التفسيرات للدوافع التي تقف خلفها هذه المرة لكن في حقيقتها لا تعدو كونها حربا لتطويع من خرج عن الطوع الجهوي لمصراتة والطوع الإخواني ذي المسحة الداعشية المتوافق معها.

وللحرب المتوقعة في طرابلس جذور جهوية تصطبغ برؤية ميليشيات مصراتة لمصالحها وأرباحها المالية والسياسية التي جنتها في ظل الفوضى بعد سقوط الدولة في ليبيا، وللإنصاف فإن مصراتة تنقسم الى كتلتين رئيسيتين:

 الأولى ترى وجوب مراعاة مصالحها الخاصة وتستخدم  القوة الناعمة عبر الاقتصاد والضغط غير المباشر واستخدام الحيل السياسية والتحالفات الدولية وبعض التحالفات المحلية مثل تنظيم الإخوان في ليبيا وهي في الأغلب تضم رجال الأعمال وعددا من العائلات الكبرى

 أما الكتلة الثانية فتفرض مصالحها بالقوة المسلحة والشراسة والإرهاب وترى أنها الأحق والأجدر بثروات ليبيا تذرعا بحجج الثورية وأنها من أسقطت النظام السابق وأصحاب هذا الاتجاه يأتي في مقدمتهم فتحي باشاغا ومحمد الحداد رئيس أركان الوفاق وصلاح بادي المعاقب دوليا وخليفة الغويل رئيس ما تعرف سابقا بحكومة الإنقاذ التي رفضت تسليم السلطة لحكومة الصخيرات ورفضت نتائج الانتخابات البرلمانية عام 2014  وهذه الكتلة من مصراتة هي من اقتحمت طرابلس لتطويعها من قبل ثلاث مرات الأولى في نهاية 2011 بدعوى الحفاظ على الثورة ولم تخرج إلا بعد فضحها في مجزرة غرغور بإطلاق النيران على المدنيين بشكل عشوائي واسقطت قتلى وجرحي بالمئات في نوفمبر 2013  لاعتراضهم على الحالة الميليشياوية وطلب تسليم السلطة للجيش

 أما المرة الثانية فكانت في 2014  باقتحام صلاح بادي وميليشياته لطرابلس اعتراضا على سقوط عدد كبير من رموز الإخوان والقاعدة في الانتخابات البرلمانية بما اعتبرته الميليشيات الجهوية المتحالفة مع القاعدة والإخوان انقلابا عليها وعلى الثورة وأعلنت وقتها ما أسمته ( فجر ليبيا ) ودمرت وحاصرت كل المؤسسات الحيوية والأحياء الكبرى التي أبدت ترحيبا بنتائج الانتخابات وقتها

أما الحرب الجهوية الثالثة على طرابلس فجاءت  بإعلان ما سميت بحكومة الإنقاذ برئاسة ( خليفة الغويل ) ممثل الكتلة الشرسة في مصراتة رفضها تسليم السلطة المنبثقة عن مؤتمر الصخيرات منتصف 2015  والذي أفرز حكومة الوفاق برئاسة فايزالسراج بأغلبية ليس لمصراتة فيها اليد الطولى التي تمكنها من تحقيق مصالحها في السلطة والثروة.