ولئن كان هذا ما يجري في الحزب الديمقراطي، إذ يقف الجميع خلف المرشح المحتمل، جوزيف بايدن، بعد أن استقر رأي الحزب عليه، فإن المشهد الجمهوري يبدو مختلفا، إذ يواجه الرئيس ترامب معارضة من بعض الساسة الجمهوريين، وكل منهم له أسبابه، وكمعلق تابع ما حدث في الانتخابات الرئاسية الماضية، لم أستغرب ذلك.

معظم الجمهوريين حينها لم يكونوا على استعداد لدعم المرشح القادم من خارج واشنطن، وقد أصيبوا بالذهول، عندما تمكّن من هزيمة المرشحين الجمهوريين؛ وهم ساسة مرموقون؛ مثل تيد كروز وماركو روبيو والأهم جيب بوش، ولذا كان هناك حديث جادّ عن حالة انقلاب جمهوري على الفائز، دونالد ترمب، في مؤتمر الحزب، فماذا حدث؟

دونالد ترمب؛ النرجسي والعنيد، أعلن قبل مؤتمر الحزب الجمهوري في عام 2016، أنه سيترشح كمستقل، في حال حاول الحزب التخلّي عنه، وأدرك الجمهوريون أن شعبيته كبيرة، وأن شرائح واسعة من الناخبين الجمهوريين ستصوت له ، في حال ترشح كمستقل، مما يعني تصدّع الحزب، ولذلك دعموه كمرشح للحزب، رغم قناعة كثير منهم بأنه لن يفوز.

لكن ترامب فاجأ الجميع وفاز، وحينها اصطف خلفه معظم ساسة الحزب، وعلى رأسهم أقوى شخصية جمهورية حينها، عضو مجلس الشيوخ عن ولاية كنتاكي، ميتش مككولين ، ثم تبعه السيناتور عن ولاية تكساس، تيد كروز، وتبعهم آخرون.

وبقيت أسماء جمهورية مهمة تعارض ترمب، مثل السيناتور الراحل والمرشح الرئاسي في انتخابات عام 2008 جون مكين ، والذي شنّ عليه ترامب حرب شعواء، رغم أنه سياسي عريق وبطل حرب سابق، وكان لافتا أن ترامب قال عنه إنه ليس بطل حرب، فالأبطال لا يتم أسرهم، في إشارة إلى أن الفيتناميين أسروا مكين لعدة سنوات خلال حرب فيتنام.

أما عائلة بوش فلها ثأر خاص مع ترامب ، بعد أن تنمّر الأخير على جيب بوش في الانتخابات الماضية ، وجعله يخسر أمامه بشكل مذلّ، وأنهى حلم الأسرة في فوز شخصية ثالثة منها برئاسة أميركا، ولذا فإن الرئيس بوش الابن لن يصوت لترامب هذا العام، ومثله حاكم ولاية أوهايو السابق، الجمهوري جون كوشيك، ومثلهما السيناتور الجمهوري والمرشح الرئاسي السابق في انتخابات عام 2012 أمام باراك أوباما ، وميت رومني.

الجنرال الجمهوري ، كولن باول ،  ذهب أبعد من ذلك ، وأعلن أنه سيصوت لبايدن، وهناك أسماء جمهورية أخرى لم تعلن حتى اليوم دعمها لترامب ، ومن الطرائف أن الصقر الجمهوري ، ومستشار الأمن القومي السابق الذي عزله ترامب ، جون بولتون، وفي سقطة مروّعة، أعلن أنه سيصوت لبايدن ، وهذا أمر متوقع، في ظل خصومته الشديدة مع ترامب ، بعد أن تهجم عليه الأخير بشدّة، حينما نشر كتابه الأخير.

وهذا الانقلاب الجمهوري من معظم هذه الشخصيات له دوافعه الشخصية بدون شك، مهما حاول المنقلبون تزيينه بمعسول الحديث حول كونه انحيازا للمبادئ والقيم الأمريكية.

ويحسن التأكيد على أن معظم الشخصيات المنقلبة لم تصوت لترامب في الانتخابات الماضية، وليس واضحا ما إن كان انقلاب هذه الشخصيات سيؤثر على حظوظ ترامب في انتخابات هذا العام أم سيخدمه ، بحكم أن هؤلاء المنقلبين اصطفوا مع اليسار الذي تتعارض إيديلوجيته مع إيدولوجيتهم بشكل جذري، لكن المؤكد هو أن الحرب شرسة على ترمب، ليس فقط من خصومه الديمقراطيين، بل من بعض أعضاء حزبه، ولكني لا أظنه يكترث كثيرا ، فقد فاز في عام 2016 ، رغم كل الحرب الشعواء التي واجهها حينذاك.