أقول ذلك، مع العلم بأن روسيا ما زالت تملك مقومات الدولة العظمى وقوة ردعها الهائلة، بصورة يصعب معها تحديد من هم الأكبر منها قدرة في مجالات القتال المتناظرة وغير المتناظرة، خاصة إذا أضيف التحالف مع الصين إلى المعادلة، إلا أن الولايات المتحدة وحلفاءها واسعو الحيلة والخبرة في هذه المجابهات.

المرتكز في هذا الطرح، هو ما للخبرات الروسية العسكرية والأمنية والتقنية، من سجل تاريخي مشرف في دعم الأصدقاء، وعلى الشرف الشرقي أعوّل.

التساؤلات عديدة، من بينها، كيف استطاعت روسيا التغطية السريعة على اغتيال عناصرها الاستخبارية، التي اعتبرتها مارقة، بعد لجوئهم السياسي إلى بريطانيا؟ الزوبعة التي أثيرت حينها، سرعان ما خبت. ما الدروس المستفادة من ذلك لمساعدة السعودية في مواجهة المتاجرين بقضية مقتل خاشقجي؟ الإجابات شبه الشافية –بعيداً عن التخمين والتحليل– قد يقدمها زعيم لآخر بتصرف وتحفظ وراء الأبواب المغلقة.

ملف صراع شبه جزيرة القرم، مفيد في التعامل مع التآمر الدبلوماسي، وفرض العقوبات بأنواعها، وحشد الرأي العام العالمي ضد روسيا. ما الخطوات المستفادة لتزويد التحالف العربي بتوجهاته واستباقاته السليمة، حيال ما يدبر من إطالة أو استنزاف أو خيانات في حرب اليمن؟ كيف عملت روسيا ضمن وكلائها في شرق أوكرانيا لحسم الصراع؟ كيف ردت صاع الإرهاب مضاعفاً عن طريق الإرهاب المضاد؟ ما أدوار المدنيين المتعاطفين في تزويد الجيش بالمعلومات الاستخبارية؟.

يستفيد إعلامنا الإقليمي أيضاً، من أساليب المواجهة وزوايا التغطية الإخبارية، التي تصدى بواسطتها الإعلام الروسي لاتهامات الاعلام الأميركي، بالتدخل في السياسة الداخلية للولايات المتحدة. فإعلامنا بأمس الحاجة لتطوير أدوات وأساليب الجدل، والتصدي للاتهامات التي دأب الخصوم على كيلها لحكوماتنا.

ربما يكون المجال الأكثر فقراً في المنطقة، هو إنشاء الجيوش الإلكترونية، وفق معايير الدفاع والردع السيبراني الأكثر تطوراً. لذا يجب ألا تمر الفرصة من دون ابتعاث من يثبت نبوغه التقني وفي سن مبكرة إلى موسكو لتعلُّم ما يلزم، وفق آخر التطورات في هذا المجال.

الاعتماد على الذات من أهدافنا الوطنية، وهو هدف تحقق إلى حد بعيد لدى الروس، خاصة في المجالات سالفة الذكر، وقد آن الأوان للتعاون مع من لا يتخلى عن حلفائه.