ترامب ووزير خارجيته ريكس تليرسون يعولان كثيرا على الجهود المشتركة لمبعوثي الكويت وواشنطن وجولاتهم المكوكية بين العواصم الخليجية بحثاً عن اختراق في الأزمة القطرية قُبيل وصول ولي العهد السعودي إلى واشنطن. لكن يبدو أن رد جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة على المبعوث الخاص الأميركي الجنرال زيني قد أوصد ذلك الباب في وجه الوساطة حين أكد أن "الحل في الرياض".
الرسالة واضحة، الأزمة القطرية شأن خليجي خاص و على واشنطن احترام ذلك، وهذا ما أكده أيضا سمو الأمير محمد بن سلمان حين تحدث عن سياسة الاحتواء للدوحة قائلا أن "حل الأزمة مع قطر سيكون على طريقة تعامل الولايات المتحدة الأميركية مع كوبا" .
وترامب يعي أهمية الدور السعودي في كل الملفات السياسية شرق أوسطيا، هذا بالإضافة إلى جهود محاربة الإرهاب الممتدة إلى أفريقيا .

مخاوف الرئيس ترامب حقيقية من انتقال العلاقات الثنائية من الفتور إلى البرود، مما قد يدفع بتقارب سعودي أوروبي أكبر ستكون واشنطن الخاسر الأكبر فيه . وبالرغم من أن الولايات المتحدة ستبقى الشريك الاقتصادي الأهم في رؤية 2030، فإن القبول بأي تراجع في علاقتهما الخاصة ستكون تبعاتها السياسية كبيرة على إدارة ترامب وخصوصا في القضايا الرئيسية .
قد يكون مصدر ذلك التخوف هي مؤسسات صنع القرار الأميركية، بالإضافة لوزارة الخارجية التي باتت تستشعر أن الرياض تعبر عن استقلالية تامة في وضع سياساتها، والتي قد تكون مصدر تعارض وإياها مستقبلا .
لذلك نجد موقف الخارجية الأميركية غير محايد من الأزمة القطرية حتى بعد اتهام ترامب لبيت الحكم في قطر بأنه ضالع في دعم الإرهاب ومن أعلى مستوياته .

مصدر القلق الكويتي الأميركي من احتمال إعلان الرياض إقفال باب الوساطة بشكل نهائي بات حقيقي، خصوصا بعد مقارنة سمو الأمير محمد بن سلمان للأزمة القطرية وحلها بملف كوبا-الولايات المتحدة.
لذلك ، فإن نافذة الفرصة الأخيرة تضيق كلما قرُب موعد وصول ضيف واشنطن دون تحقيق اختراقً حقيقي عبر جهود الوساطة، مما يحولها لمنزلقً سياسي إن لم ينتبه الوسطاء للإشارات القادمة من الرياض.

أما فيما يخص قبول واشنطن باشتراط الدوحة حدوث ما تسميه هي بالمصالحة في كامب ديفيد، فذلك أمر تعهدت به الخارجية الأميركية لأحد أطراف الأزمة دون استشارة الرياض فيه . فالخارجية الأميركية ناورت من خلال رفض الرياض الاعتراف بقرار ترامب حول القدس، مما سهل لها أمر إقناع بتبنِ مقترح كامب ديفيد .

و يبدو أن الخارجية الأميركية افترضت كذلك قدرتها على إظهار بعض التباين بين أطراف الرباعية حول هذا الملف مما قد يسهل على الرئيس ترامب أمر التفاوض مع ولي العهد السعودي أثناء قمتهما المرتقبة، إلا أنها فشلت في ذلك. وجاء إعلان القاهرة تطابقها التام مع الرياض في هذا الملف تأكيدا فوق تأكيد. السؤال الآن ، هل سيغامر ترامب بفتح الملفين إن آثرت الرياض ترحيلهما الآن بعد تصلب الدوحة وتل أبيب وإخفاق واشنطن في تحقيق أي اختراق في إياهما

باريس ستكون محطة أوروبية مهمة في جولة سمو الأمير محمد بن سلمان لأن أوروبا ستكون مهتمةً جدا بالاطلاع على نتائج زيارته لواشنطن وخصوصا في الملفات السياسية الرئيسية . هامش المناورة المتاح للرئيس ترامب في هاذين الملفين بات حرجاً جدا بعد أن قطع في أمرين كلفتهما السياسية أكبر بكثير من عوائدهما القريبة أو البعيدة ولن تضمن له إعادة انتخابه في 2020.