سيناء ليست جغرافيا صحراوية أو منطقة عرفها العالم خلال فترة الحرب الصهيونية على مصر عام 1967 وما تبعها من مفاوضات وحرب أكتوبر حتى عادت السيادة المصرية إليها، بل هي أيضا جغرافيا واسعة تحمل سمات استراتيجية ونقطة تواصل مع دول هامة في آسيا وأفريقيا، ولهذا كانت خيارا من التنظيمات الإرهابية لتكون قاعده عمل ضد استقرار الدولة المصرية أولا ثم خطرا على كل الإقليم.

والمفارقة أن هذه التنظيمات، التي تعمل بالقرب مع الحدود مع كيان الاحتلال، لم توجه طلقة تجاهه، بل كان كل نشاطها ضد الدولة العربية المصرية وجيشها ومواطنيها، ليس داخل سيناء فقط، بل وصل خطرها إلى مدن مصرية عديدة.

ولو تخيلنا مثلا أن هذه التنظيمات نجحت في السيطرة الكاملة على سيناء، وأقامت ما تسميه "ولاية سيناء" التابعة لداعش، فإننا حينها يمكن أن نتخيل حجم الخطر على الإقليم، سواء في آسيا أو أفريقيا، وكيف سيكون لهذه الجغرافيا المتطرفة الدور الكبير في تعزيز نفوذ داعش في ليبيا مثلا وغيرها من دول أفريقيا، وكيف سيمتد تأثير هذا التنظيم من سيناء إلى دول عربية آسيوية عديدة.

ما كان يعمل من أجله قادة داعش ومن صنع مساره، أن تكون سيناء مركز جغرافيا جديد بعد الهزيمة في العراق وسوريا، وأن تكون سيناء مصدر دعم لنشاط هذه التنظيمات في أفريقيا ودول آسيوية وعربية، فضلا عن الدور الكبير في إضعاف الدولة المصرية واستنزاف جيشها وبث القلق في مدنها.

سيناء التي تشهد عملية عسكرية كبيرة من الدولة المصرية، لا يجوز أن تخرج من السيادة المصرية، ولا يجوز السماح بأن تتحول إلى جغرافيا إرهابية، لأن الخطر ليس على مصر فقط، بل هو خطر على الإقليم في نطاقه الأوسع.