وزيارة المسجد الأقصى واحدة من القضايا التي كانت ولا تزال تحمل جدلا واسعا في أوساط أهل السياسة والفكر ورجال الشريعة، لكن قرار الرئيس الأميركي الأخير بنقل سفارة بلاده إلى القدس أعاد هذا العنوان إلى النقاش.

ففي المؤتمر الأخير الذي عقده الأزهر الشريف حول القدس كانت الأجواء واضحة في حث الناس على زيارة الأقصى والقدس، باعتبار هذا نوعا من مقاومة المحتل وخطوة في الحفاظ على الهوية العربية والإسلامية للمدينة، وكان هذا هو موقف السلطة الفلسطينية التي دعت الشعوب العربية والإسلامية إلى زيارة القدس.

وعلى الجانب الآخر، كان هناك رأي قديم وربما لا يزال له أنصار ممن يرون زيارة الأقصى والقدس نوعا من التطبيع مع كيان الاحتلال، وإقرارا بهذا الاحتلال.

لكن هذا الرأي ربما ضعف بعد التغيرات السياسية في موقف حماس التي شاركت في الانتخابات تحت سلطة الاحتلال وكانت جزءا رئيسا في السلطة التي أنتجها اتفاق أوسلو القادم من عملية تفاوض مع إسرائيل، كما أن حماس في اتفاق مكة مع حركة فتح قبل سنوات، قبلت بتفويض منظمة التحرير باستكمال التفاوض، كما أنها مؤخرا أعلنت قبولها بحل سياسي على حدود الرابع من يونيو، وهذا يعني ضمنا التفاوض للوصول لهذا الحل.

زيارة القدس والأقصى لغايات دعم أهلها والحفاظ على هويتها العربية والإسلامية جزء من معركة طويلة، ضد احتلال يعمل لسلب أي متر مربع من أرض القدس ويجتهد لشراء ولو بيت واحد وسلخه عن هويته العربية، ومنحه لعائلة يهودية أو مستوطنين قادمين من دولة بعيده.

عظم المعركة وشراسة المحتل تفرض علينا أن نتجاوز الشكليات إلى الجوهر، فأي خطوة تعزز صمود أهل القدس وتحافظ على هوية المدينة ومقدساتها جزء من أدواتنا في معركة، لا يجوز معها إلا الاصطفاف، وزيارة الأسير لا تعني اعترافا بالسجان وهذا ما ينطبق على القدس ومقدساتها.